وضعية مشكلة لتأطير مجزوءة الفاعلية
والإبداع:
أسطورة بروميثيوس
بقلم: محمد الشبة
« عندما
قررت الآلهة خلق الكائنات الفانية... أمرت بروميثيوس وإيبيمثيوس أن يجهزا هذه
الكائنات ويوزعا عليها صفاتهما الخاصة...وتم الاتفاق بينهما على أن يقوم الأول
بالمراقبة والثاني بالتوزيع. وهكذا قام إيبيمثيوس بالتوزيع فكان من المخلوقات من
أعطاها القوة دون السرعة بينما زود الضعيف بالسرعة، وسلح بعضها وترك البعض الآخر
أعزل، وابتكر لها وسائل أخرى للمحافظة على البقاء فجعل بعضها ضخما تحميها ضخامتها،
وبعضها ضئيلا لتتمكن من أن تطير، واتخذت الأرض جحورا تكون وسيلة للهرب، وبذلك
زودها ببدائل تحول بينها وبين الانقراض كنوع....
وبينما انتبه إلى أنه نسي أن يزود الإنسان
بشيء، جاء بروميثيوس فوجد أن صاحبه ترك الإنسان عاري الجسم والقدم لا يملك مأوى أو
أسلحة دفاعية...وهكذا سرق بروميثيوس...الفنون الآلية وسرق النار...كما أخذ فن
أثينا وأعطى كل ذلك للإنسان. وبهذه الطريقة زود الإنسان بوسائل الحياة...ولم يمض
على الإنسان وقت طويل حتى اخترع اللغة والأسماء وعرف كيف يشيد المساكن ، ويصنع
الملابس، والأحذية، والفراش، وجعل من الأرض مرتكزا....»
- مصدر النص:
• أفلاطون، بروثاغوراس ، ترجمة محمد كمال الدين
علي يوسف، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967، ص: 55-58.
• عن: مقرر
"مباهج الفلسفة"، السنة الأولى بكالوريا، مسلك الآداب والعلوم
الإنسانية،الطبعة الأولى 2007، ص 81.
مؤلف النص:
أفلاطون؛ فيلسوف يوناني ولد سنة 428ق.م. هو صاحب
فلسفة مثالية تقول بوجود الحقيقة في عالم عقلي مفارق هو عالم المثل. عبر عن أفكاره
الفلسفية من خلال مجموعة من المحاورات، منها:
"الجمهورية"و"المأدبة".
معلومات
مساعدة لفهم "أسطورة بروميثيوس:
* بروميثيوس:
أحد الآلهة في الأساطير اليونانية، كان مساعد زوس كبير الآلهة في الدفاع عن
البشر. وقد سرق النار والتقنية من أثينا
ومنحها للإنسان. هكذا فهو يعتبر رمزا لإرادة التقدم التقني لدى الإنسان.
* إيبيمثيوس: هو شقيق بروميثيوس، وقد كلفته الآلهة بتوزيع
الصفات والمقومات الضرورية لكل كائن لكي يعيش ويستمر في الحياة. فقام بتوزيع
الصفات الضرورية على كل كائن، لكنه نسي الإنسان وتركه عاريا بدون أي مقوم للحياة.
* رموز الأسطورة ودلالاتها الفلسفية:
- الفنون الآلية والنار: هما رمزان للتقدم التقني الحضاري، لأن
بفضلهما أصبح الإنسان مزودا بوسائل تمكنه
من إثبات ذاته على الطبيعة وعلى الحيوانات وتميزه عنهما.
- الآلهة: الخلق والخلود والقوة.
- الكائنات الفانية: الضعف والنقص والفناء.
- إيبيمثيوس: موزع الأقدار والمقومات الخاصة بكل كائن.
- بروميثيوس: سارق النار والتقنية، وهو رمز لإرادة التقدم
التقني والتفوق الآلي لدى الإنسان.
- أثينا: بنت الرب زوس، وهي رمز للتقنية والحرب
والصنائع.
الفكرة الأساسية للأسطورة:
لقد منحت الآلهة كل كائن مقوما للحياة،
وحينما نسي إبيمثيوس الإنسان وتركه “عاريا”، سرق بروميثيوس النار والتقنية من
أثينا ومنحهما للإنسان. وبهذا أصبح الإنسان كائنا صانعا ومبدعا. وهكذا تعتبر
الفاعلية والإبداع خاصية مميزة للإنسان عن باقي الحيوانات.
توجيهات من أجل الاشتغال:
يمكن أن نشتغل على النص كوضعية انطلاق أو وضعية مشكلة، فنوضح من خلاله كيف
أن هذه الأسطورة تبين أن الإنسان منذ بداية الخلق زود بالقدرة على الفعل والإبداع،
وأن ما يميزه عن الكائنات الأخرى هو القدرة على الابتكار والإبداع...
وبعد ذلك نتساءل مع التلاميذ: أين تتجلى الفاعلية الإبداعية للإنسان؟ ما هي
المجالات التي يبدع فيها الإنسان؟
وسيجيب التلاميذ بأنها:
مجال التقنية، مجال الفن، مجال الشغل...
وعلينا أن نتساءل معهم عن أهمية التقنية في حياة الإنسان؟ عن علاقتها
بالعلم؟ ما هي إيجبياتها؟ ما هي سلبياتها؟
أيضا بالنسبة للفن؛ لماذا يبدع الإنسان أعمالا فنية؟ ما أهمية الفن في حياة
الإنسان؟ ما هي أنواع الفنون المعروفة؟ ما علاقة الفن بالطبيعة والواقع؟ ما دور
الموهبة في الإبداع الفني؟ هل تكفي الموهبة وحدها لإبداع أعمال فنية؟
بالنسبة للشغل، ما أهمية الشغل في حياة الإنسان؟ كيف يمكن تعريف الشغل؟ هل
يحقق الشغل حرية الإنسان ويبرز فيه مواهبه وذاته أم يؤدي الشغل إلى استعباد الإنسان
وتدمير قدراته؟
أيضا يمكن أن نتحدث عن التبادل كظاهرة مميزة لحياة الإنسان ككائن مبدع
ومبتكر، ويمكننا التساؤل مع التلاميذ: ماذا يتبادل الإنسان؟ لماذا ظاهرة التبادل
ضرورية في حياته؟ ما هي أنواع التبادل؟ (التبادل المادي والتبادل الرمزي)
وهكذا من خلال الانطلاق من "أسطورة بروميثيوس" والاشتغال السريع
عليها مع التلاميذ، وبعد ذلك تشغيلهم على الأسئلة المطروحة أعلاه وتلقي إجابات
مختلفة منهم... عن طريق كل هذا يمكن أن نكتب معهم مدخلا أو تأطيرا عاما لمجزوءة
الفاعلية والإبداع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.