الأحد، 23 يونيو 2019

قراءة في كتاب منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية

   

قراءة في كتاب محمد الشبة
منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية





بقلم: توفيق فائق 

  
نبذة عن المؤلف:
- محمد الشبة من مواليد سنة 1971م بمشرع بلقصيري، إقليم سيدي قاسم، جهة الرباط – سلا – القنيطرة.
- حاصل على الإجازة في الفلسفة سنة 1994م، بجامعة محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس.
- حاصل على شهادة استكمال الدروس في الفلسفة الإسلامية سنة 1995م، بجامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
- مدرس فلسفة بالثانوي التأهيلي.
- باحث في ديداكتيك الفلسفة والفكر الإسلامي.
- مؤسس مدونة محمد الشبة الفلسفية الإلكترونية.
- عضو هيئة التحرير بمجلة الحكمة.
- أحد مؤسسي نادي أصدقاء الحكمة.
هذا الاهتمام والشغف بالفلسفة جعل محمد الشبة يساهم في تحبيب الفلسفة لمن يحيطون به. فلديه أختين تمتهنان تدريس الفلسفة؛ فاطمة وربيعة. كما أنه اختار لابنين له اسمين فلسفيين هما: صوفيا ويقظان. بل إن العديد من تلامذته اختاروا استكمال الدراسة الجامعية في شعبة الفلسفة ومنهم من يشتغل مدرسا للفلسفة، بفضل تقريبه الفلسفة إلى قلوبهم وعقولهم، وتحفيزهم على قراءتها ودراستها.
إصدارات المؤلف:
صدر للباحث محمد الشبة:
1- الاجتهاد والمجتهد عند أبي حامد الغزالي، مطبعة لورانجي، مشرع بلقصيري 2011.
2- إشكالات وقراءات فلسفية، مطبعة لورانجي، مشرع بلقصيري، 2011.
3- الفلسفة لتلامذة السنة الثانية بكالوريا؛ مطبعة لورانجي، مشرع بلقصيري 2012.
4- مجزوءة الإنسان للسنة الأولى بكالوريا، مطبعة لورانجي، مشرع بلقصيري 2012.
5- مقالات ديداكتيكية في تدريس الفلسفة، مطبعة لورانجي، مشرع بلقصيري 2012.
6- محاورات فصلية في تدريس الفلسفة، مطبعة لورانجي، مشرع بلقصيري، 2013.
7- مجزوءة الفاعلية والإبداع للسنة الأولى بكالوريا، دار الأمان، الرباط، 2013.
8- مفهوم المخيال عند محمد أركون، منشورات ضفاف، بيروت، 2014.
9- من وحي الدرس الفلسفي، دار أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2015.
10- قضايا في تدريس الفلسفة وفي الإنشاء الفلسفي، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2015.
11- تأملات وقراءات في قضايا فلسفية، منشورات ضفاف، بيروت، 2016.
12- عوائق الإبداع الفلسفي العربي حسب طه عبد الرحمن، منشورات ضفاف، بيروت، 2016.
13- المحاورة الفصلية الفلسفية، منشورات ضفاف، بيروت، 2017.
14- سلسلة تحليل النص الفلسفي (الأجزاء الستة الأولى)، الناشر الأطلسي، الدار البيضاء، 2018.
15- منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية، دار القرويين للنشر 2018. 
16- سلسلة الفلسفة والحياة، دار أفريقيا الشرق 2019.
إن التمعن في الإصدارات أعلاه يجعلنا نقسمها إلى قسمين: قسم أول يندرج في إطار ديداكتيك الفلسفة، أو فن تدريس الفلسفة وآلياته واستراتيجياته. وقسم ثان يرتبط بالفكر الفلسفي الإسلامي، من خلال بحوثه في كتابات مجموعة من المفكرين أمثال أبي حامد الغزالي ومحمد أركون وطه عبد الرحمن.
الفلسفة الإنشائية: من خلال كتاب "منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية".
أهمية الكتاب:
يقول محمد الشبة: "يسعى هذا الكتاب إلى أن يمكن تلامذة البكالوريا على الخصوص، وكل الراغبين في تعلم آليات التفكير والكتابة الفلسفية على العموم، من التغلب على الصعوبات المتعلقة بتطبيق قواعد منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية."(1)
 ومنه فالغاية من وراء هذا الكتاب هو مساعدة المتلقي على كتابة موضوع إنشائي فلسفي متكامل، روحه الإبداع والابتكار، لا التقليد والمحاكاة، عبر تمرينه على التعامل مع الوضعيات الاختبارية (المشابهة) المحتمل مصادفتها في الفروض المحروسة أو الامتحان الوطني النهائي للثانية بكالوريا.
مضامين الكتاب:
إذا تأملنا عنوان الكتاب فإننا نجد مصطلح "منهجية"؛ وهي مستمدة من كلمة منهج وهو الطريقة أو الخطوات المتبعة لبلوغ هدف معين. كما نجد عبارة "الكتابة الإنشائية الفلسفية"؛ ويقصد بها الكتابة الفلسفية المدرسية الممارسة من قبل المتعلمين، والتي تكشف عن قدراتهم القرائية والتعبيرية والكتابية تبعا لما هومخطط في الأطر المرجعية المنظمة لتدريس مادة الفلسفة.
افتتح محمد الشبة كتابه بالحديث عن "مقومات الكتابة الإنشائية الفلسفية وخصائص الجودة فيها"، والتي يمكن اختصارها فيما يلي:
* الإبداع وحضور التفكير الذاتي:
 الموضوع الإنشائي الفلسفي يجب أن يمتاز بالإبداعية، إذ يسمح للمتعلم بوضع بصمته الخاصة (قدرات ومهارات عقلية) التي تميزه  عن إبداعات باقي المتعلمين.
* الحفر المفاهيمي:
بمعنى تحليل المفاهيم والكشف عن المعاني الكامنة في باطنها، وكذا الكشف عن العلاقات القائمة بينها.
* التدرج المنطقي والتماسك العضوي:
 الموضوع الإنشائي بمثابة البنيان، يقتضي التناسق والتماسك بين أجزائه، لتجاوز التصدعات والفراغات.
* الهاجس الإشكالي والنقدي:
 التفكير الفلسفي نمط فكري تساؤلي نقدي، الأمر الذي يتطلب حضور هذه الخصائص أيضا داخل الموضوع الإنشائي الفلسفي المدرسي. ومن ثمة نقله إلى الحياة الواقعية المعيشية، إذ أن الفرد في حياته مدعو إلى استخدام عقله، وممارسة التساؤل والنقد الدائمين.
* تشخيص الأفكار الفلسفية:
 وذلك باللجوء إلى نقلها من مضامين مجردة إلى عناصر ملموسة. وبعبارة أخرى التطبيق الواقعي للمفاهيم والأفكار العقلية المجردة.
* الصدق في التعاطي مع الإشكال الفلسفي:
 من واجب المتعلم التعامل مع الإشكال بصدق، بل ويتماهى معه؛ أي ينظر إليه كموضوع يخصه شخصيا، الأمر الذي يحفزه على الإبداع الذاتي.
بعد الحديث عن هذه المقومات، تناول محمد الشبة الجزئيات والقضايا المتعلقة بمنهحية الكتابة الإنشائية الفلسفية من خلال ستة فصول:
الفصل الأول: عرض نظري لمنهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية.
ويستشف القارئ لهذا الفصل أن محمد الشبة وضع خطة ثنائية لمواجهة الموضوع الاختباري الفلسفي (النص، القولة، السؤال) والتمكن منه، وبالتالي مقاربته بشكل إبداعي. فالإجراء الأول ارتبط بكيفية تفكيك عناصر الموضوع على مستوى المسودة. ثم الإجراء الثاني يتعلق بنقل العناصر والمعطيات السابقة على مستوى ورقة التحرير. وهذا أمر ينص على أهمية التنظيم لتجنب العشوائية والفوضى أثناء عملية الإنجاز أو التنفيذ.
الفصل الثاني: نماذج من الكتابة الفلسفية الجزئية.
يفرض التعلم الناجح التدرج في عملية اكتساب المهارات والقدرات المتعلقة بالكتابة الإنشائية الفلسفية. وهذا ما حدا بالكاتب إلى تخصيص فصل للاشتغال المرحلي والجزئي على الخطوات المنهجية لمقاربة الموضوع الفلسفي، مستندا في ذلك إلى أمثلة ميسرة ومبسطة لكل مرحلة على حدة (الفهم، التحليل، المناقشة والتركيب).
الفصل الثالث: الكتابة الإنشائية الكلية.
بعدما أكد الكاتب على أهمية التجزيء والتدرج في التعامل مع الموضوع الإنشائي الفلسفي، انتقل إلى عملية دمج العناصر المجزأة في إطار موضوعات كلية ومتكاملة (مقدمة، عرض، خاتمة)، تسمح للمتعلمين بتجميع ما ثم تعلمه في المرحلة السابقة، عبر الاشتغال على نماذج اختبارية تطبيقية.
الفصل الرابع: منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية واستقراء نماذج إجابة.
لنجاح كل تخطيط وتعلم يقتضي تقييم مستمر لما تم إنجازه. وهذا هو هدف الفصل الرابع، إذ عمل المؤلف على الوقوف عند بعض النماذج الإنشائية لاستعراض الهفوات والثغرات التي سقط فيها المتعلمون من جهة، والإشارة إلى الإيجابيات والجوانب المشرقة من جهة أخرى. فالتعرف على عناصر الضعف والقوة في كتابات المتعلمين يساعدهم ولا شك على تطوير مهاراتهم وقدراتهم في الكتابة الإنشائية الفلسفية.
الفصل الخامس: توجيهات منهجية.
يتضمن ملاحظات للكاتب حول حول مواضيع إنشائية، وهو ما سمح له بجرد الأخطاء وتقديم توجيهات دقيقة خاصة بكل صيغة وبكل لحظة من لحظات الكتابة الإنشائية الفلسفية.
الفصل السادس: أخطاء شائعة في الكتابة الإنشائية الفلسفية.
التجارب والخبرات التي راكمها محمد الشبة في الفصل الدراسي أو أثناء تصحيح الامتحانات الوطنية، جعلته قادرا على سبر أهم الأخطاء المرتكبة من قبل المتعلمين، سواء أكانت لغوية أو معرفية أو منهجية مهاراتية.
وقد ختم الكتاب بملحق يضم نماذج للامتحانات الوطنية السابقة، موفرا للمتلقي نماذج للاشتغال والتمرن من أجل اجتياز اختبارات فلسفية لاحقة.
أهداف الكتاب:
كل كتاب له هدف من وراء صياغته. وبخصوص هذا الكتاب الذي نحن بصدد قراءته، له أهداف يمكن حصرها فيما يلي:
* أهداف معرفية:
   - جعل المتعلم قادرا على إدراك مضامين معرفية فلسفية.
- إدراك سلبيات الحفظ والتكرار وتوظيف المعارف الجاهزة.
* أهداف منهجية:
- إدراك أهمية الإبداع الذاتي في بلورة موضوع إنشائي فلسفي.
- امتلاك أدوات للتفكير وفي الكتابة الفلسفية.
- ضبط مهارات ترويض الموضوع الإنشائي الفلسفي.
- امتلاك قدرات نواتية: المفهمة، الأشكلة، الحجاج).
* أهداف قيمية:
- إدراك أهمية الحوار ونبذ التعصب.
- رفض التمركز حول الذات.
- تحمل المسؤولية.
- التشبع بقيم النقد والحجاج والإيمان بالاختلاف.
دعامات موجهة للكتاب:
1- وثائق رسمية:
إن مضامين الكتاب توحي بأن صاحبه استند في خط أسطره إلى مذكرات ووثائق وزارية، موجهة وراشدة في مادة الفلسفة، من بينها:
- المذكرة 093/14 الخاصة بالأطر المرجعية المنظمة للامتحان الوطني في مادة الفلسفة.
- المذكرة 142/04 المرتبطة بالتقويم التربوي.
- التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة لسنة 2007.
- دلائل تصحيح الامتحانات الوطنية السابقة.
2- مقاربات فلسفية وبيداغوجية:
بني الكتاب الذي أمامنا، على غرار الاختيارات والتوجيهات التربوية المنظمة لمادة الفلسفة(2)، على مقاربتين:
* المقاربة الفلسفية:
 يهدف المنهاج على المستوى المنهجي إلى تعليم التفلسف باكتساب المتعلمين قدرات فلسفية رئيسية، سماها ميشيل توزي بالأهداف النواتية وهي المفهمة والأشكلة والمحاجة. ويمكن تحديدها فيما يلي:
أ- الأشكلة:
 وضع الموضوع أو القضية موضع تساؤل مبني على مفارقة أو تقابل أو إحراج. ويقترح ميشيل توزي(3) ثلاثة نماذج من الأشكلة:
أولا؛ نموذج التبرير الإشكالي، أي وضع شيء ما موضع تساؤل (تعريف، بداهة، تمثل) بشكل يسمح بخلخلته من أجل ضخ دماء جديدة فيه. وفي هذا السياق يقول برتراند راسل:  
"الأسئلة تعمل على توسيع تصورنا للممكن، وإثراء خيالنا العقلي، وتقلل ثقتنا الدوغمائية."(4)
ثانيا؛ نموذج تفكيك المشكل، وذلك باللجوء إلى مساءلة السؤال ذاته. بعبارة أخرى كل سؤال يفرز سؤالا آخر يغنيه.
ثالثا؛ نموذج صياغة الإشكالية بالكشف عن الطابع التأرجحي للموضوع.
ب- المفهمة:
 عملية بناء المفاهيم، وهي أدوات يتم بواسطتها التفكير في القضايا والإشكالات. وهذا ما حدا بجيل دولوز وفليكس غاتاري إلى تعريف الفلسفة بكونها "إبداع المفاهيم المجردة."(5)  ويقترح ميشيل توزي لإنجاز عملية المفهمة اتباع ثلاثة سبل:     
أولا؛ التفكير والتأمل في الكلمات وجعلها موضوع بحث، سواء عن طريق التعارضات بين المرادفات والأضداد، أو عن طريق التمييز بين الاستعمال المألوف والاستعمال الفلسفي، أو التمييز بين المذاهب الفلسفية.
ثانيا؛ أشكلة التمثل، ذلك أن المتعلم يقدم تصوره الخاص أو تمثله حول قضية ما، فيكون علينا مواجهته بمضامين وتصورات فلسفية، من شأنها أن تدفعه إلى التشكيك في تلك المعارف التي بحوزته.
ثالثا؛ استنباط دلالة الموضوعة انطلاقا من تطبيقاتها في الواقع، ونقلها إلى مفهوم موحد الدلالة. فالقانون مثلا في المجال السياسي مختلف عن القانون في البيولوجيا... لكن رغم هذه الاختلافات فما يوحدعا هو اعتبارها القانون كنظام.
ج- المحاجة:
 تنبني الفلسفة على ثلاث قدرات أساسية هي المفهمة والأشكلة والمحاجة. وتعتبر هذه الأخيرة عبارة عن مجموعة من الحجج والاستدلالات التي يستخدمها الفيلسوف إما للإثبات أو الدحض. غير أنه ينبغي أن نفصل بين البرهنة والحجة حسب كوسيطا، إذ يقول:
"تروم البرهنة إقامة ترابط ضروري بين المقدمات والنتائج بدون أخذ مواقف الأفراد تجاه تلك القضايا بعين الاعتبار، بينما يروم الحجاج بيان ما إذا كانت القضايا صادقة (أو خاطئة) بالنسبة للمتحاور. نفحص في الأولى (البرهنة) عما إذا كان الاستدلال يقترب من صورة القياس، ويستجيب للمقتضيات التي يفرضها المنطق، أما بالنسبة للثاني (الحجاج) فيتعلق الأمر بفهم كيفية تسلسل القضايا داخل النص... إذا ما رجحنا المقاربة الأولى (البرهنة) فسنكون قد أقفرنا التحليل بشكل استثنائي... أما إذا اكتفينا بالمنحى الحجاجي فإنه سيؤدي إلى تفتيت النص إلى وحدات ذرية صغرى."(6) 
* المقاربة البيداغوجية:
 لقد سعى محمد الشبة في مؤلفه "منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية" إلى العمل وفق متطلبات بيداغوجيا الكفايات القائمة على تنويع الأنشطة، والانطلاق من البسيط إلى المعقد، ووضع خطط استراتيجية قبلية، والاتجاه إلى تنمية كفايات معرفية تمكن المتعلم من إدراك مضامين فلسفية متنوعة وربطها بسياقاتها التاريخية والإشكالية، وكفايات منهحية تساعد المتعلم على مقاربة مواضيع مختلفة (نص، قولة، سؤال)، سواء بشكل جزئي أو كلي، وكفايات تواصلية تطور القراءة والتعبير والكتابة الفلسفية الإبداعية لدى المتعلم. وتضافر الكفايات السابقة يسمح بتجسيد الكفايات الاستراتيجية على أرض الواقع، بجعل المتعلم متقبلا للرأي الآخر، ونابذا للعنف والإقصاء، والحد من ثقته الدوغمائية.
3- التجربة الشخصية:
غذت التجربة الشخصية للكاتب المؤلف الذي نحن بصدد قراءته. ونهلت هذه التجربة من ثلاثة منابع هي:
أ- الفصل الدراسي:
 أغلب المضامين والتوجيهات التي يحتويها الكتاب استمدها محمد الشبة انطلاقا من محاوراته الفصلية مع تلامذته، أي أن مضامينه مستوحاة من رحم الفصل الدراسي.
ب- تصحيح الامتحانات الوطنية:
 شكلت تجارب التصحيح التي راكمها المؤلف حقلا لاستنباط مجموعة من الأفكار أو المضامين، واتخاذ لبنات لبناء هذا الكتاب.
ج- الشبكة العنكبوتية:
 الدردشة المستمرة والدائمة لمحمد الشبة على مواقع التواصل، أغنت سبره لمختلف الإكراهات والعوائق التي تعترض المدرسين، أثناء اشتغالهم مع تلامذتهم.
في الختام، يمكن القول بأن الكتاب الذي حاولنا الإحاطة به له قيمة على مستوى تعلم التفلسف، لما يقدمه للقارئ من اقتراحات وتوجيهات ومعينات، تساعده على تحرير موضوع إنشائي فلسفي إبداعي. كما أن الكشف عن مضامينه لا يتطلب وساطات، نظرا لبساطته وتماسكه. فكل فصل يقود إلى الفصل الذي يليه، فالأول ينمي الثاني. فهذا النوع من الكتب يساهم في إغناء الرصيد الثقافي الخاص بديداكتيك الفلسفة، الذي يعرف ضآلة ونقصا حادا، ليس فقط على المستوى المغربي وإنما أيضا العربي. ومنه فالأفكار والقضايا التي أثارها محمد الشبة يمكن أن تشكل نافذة لطرق إشكالات ديداكتيكية أخرى، لا تزال في حاجة إلى الدراسة والتنقيب والبحث. فالمهتم بالفلسفة يجب أن يتبنى الجهل لمراكمة المعرفة على غرار ما قاله حكيم الفلاسفة سقراط: "إذا كان الناس يعرفون كل شيء، فإن الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أنني لا أعرف شيئا".
هوامش:
1- محمد الشبة، منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية، دار القرويين للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2018، ص5.
2- التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس الفلسفة، بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، نونبر 2007.
3- إكرام بن موسى، تلخيص كتاب "تعلم التفلسف في ثانويات اليوم".
(tafalsouf.com)
4- Russel Bertrand, problemes de philosophie, payot 1957, pp.185-186.
5- Deleuze et Guattari, Qu’est ce que la philosophie, édition Minoit 1991, pp.10.
6- Cossuta, éléments pour la lecture des textes philosophiques, Bordas 1989, pp.147-148.