الاثنين، 31 أكتوبر 2016

تحليل نص باشلار حول العقلانية العلمية



تحليل نص باشلار "حوار العقل والتجربة"
مقرر في رحاب الفلسفة للثانية بكالوريا
طبعة 2007 ، ص 72

بقلم: محمد الشبة




1- مفاهيم النص وأفكاره:

* العالم العقلاني: هو العالم الذي يستخدم المفاهيم العقلية والفرضيات والمناهج الرياضية من أجل تفسير الظواهر الطبيعية المدروسة ومحاولة فهم حقيقتها.
* العالم التجريبي: هو ذلك الذي يتأكد بواسطة التجارب العلمية من الفرضيات العقلية التي تم الانطلاق منها.
← والعلاقة بينهما هي علاقة حوارية وتكاملية. ولذلك فنحن لسنا أمام عالمين منفصلين بل أمام عالم واحد يزاوج في بحثه العلمي بين الأدوات العقلية والتقنيات المادية الجريبية.
← وهكذا نستنتج أن من خصائص العقلانية العلمية عند باشلار أنها عقلانية حوارية وجدلية، ويعني ذلك أنها تتميز بالتكامل الحاصل فيها بين التجريب الفيزيائي والعقلنة الرياضية، بين الأدوات التقنية والمفاهيم العقلية.
* اليقين المزدوج: هو تلك الحقيقة العلمية التي يتم التوصل إليها عن طريق الحوار والتكامل الحاصل بين العقل والتجربة.
* الواقع العلمي: هو واقع مبني بواسطة العقل؛ أي انه ليس واقعا معطى عن طريق الحواس بل يقوم العالم ببنائه اعتمادا على الكشوفات العقلية الرياضية.
← نلاحظ أن الواقع العلمي يختلف عن الواقع المحسوس الذي يدركه عامة الناس بواسطة الحواس. ومن هنا يتحدث باشلار عن وجود "قطيعة ابستمولوجية" بين المعرفة العلمية والمعرفة العامية.
← كما نلاحظ أن للعقل الرياضي عند باشلار دورا مساهما وكاشفا عن الحقيقة العلمية، وهنا اختلافه مع النزعة الوضعية التجريبية التي تحصر دور الرياضيات فقط كلغة واصفة للنتائج المتوصل إليها عن طريق المنهج التجريبي.
← كما يمكن أن نستنتج أن من خصائص العقلانية العلمية عند باشلار أنها عقلانية بنائية؛ أي أن الواقع العلمي ليس معطى تتلقاه الذات بشكل سلبي بل تتدخل في بنائه الأدوات التقنية من جهة والمناهج الرياضية من جهة أخرى.
* عقلانية فارغة: هي العقلانية التي يزعم أصحابها أن بإمكان العقل لوحده أن ينتج المعرفة دونما حاجة إلى التجربة. والمقصود بها هنا هي العقلانية الفلسفية الكلاسيكية كعقلانية أفلاطون مثلا.
* اختبارية عمياء: هي النزعة التجريبية التي تمنح للعقل دورا سلبيا وتعتبره مجرد مرآة أو صفحة بيضاء تعكس ما هو موجود في الواقع التجريبي. وهي عمياء لأنها تفتقر لنور العقل ولا تمنحه دورا فعالا في بناء المعرفة، حيث تعطيه المرتبة الثانية بعد التجربة.
← وما يستنتج من هذين المفهومين هو أن باشلار يرفض أن يكون العقل وحده قادرا على إنتاج المعرفة العلمية، كما يرفض في نفس الوقت أن يكون العقل مجرد صفحة بيضاء تتلقى المعرفة الجاهزة من الواقع. وبهذا فعقلانية باشلار هي عقلانية تركيبية تؤمن بالدور المزدوج لكل من العقل والتجربة في بناء المعرفة. وبذلك فعقلانية باشلار تختلف عن  العقلانية المثالية من جهة (أفلاطون مثلا)، وتختلف عن التجريبية الكلاسيكية من جهة أخرى (جون لوك مثلا)
* التركيب الدقيق: هو المساهمة المزدوجة والمتكاملة بين العقل والتجربة في إنتاج المعرفة الفيزيائية المعاصرة.
* العقل العارف: هو ذات العالم الذي يريد إنتاج المعرفة.
* موضوع المعرفة: هو الموضوع أو الظاهرة التي تسعى الذات العارفة إلى بناء معرفة بصددها.
← والعلاقة بينهما هي علاقة شرطية، بحيث أن كلا منهما مشروطا ومرتبطا بالآخر؛ فالعقل لا يشتغل بمعزل عن الموضوع، كما أن هذا الأخير لا يتحدد إلا من خلال تدخل أدوات العقل ومناهجه. فهناك تكامل وتداخل إذن بين الموضوع والمنهج.
* عقلانية مطبقة: أي عقلانية تختبر مبادئ العقل وأفكاره من خلال إخضاعها لمجموعة من التجارب المتكررة. كما أنها عقلانية تعكس طبيعة الواقع العلمي الجديد ولا تؤمن بوجود مبادئ مطلقة وثابتة.
← وهنا نستنتج خاصية أخرى من خصائص العقلانية العلمية عند باشلار، وهي أنها عقلانية منفتحة، أي أنها تراجع مبادئها دائما طبقا للمستجدات العلمية.
* مادية مبنية: أي أن مواد التجربة وموضوعاتها يتم بناؤه انطلاقا من العقل ولا تظل كما هي موجودة في الواقع الحسي.
← ومن هنا يعتبر باشلار أن الواقع العلمي المعاصر هو واقع مبني بواسطة العقل الرياضي وليس واقعا يدرك عن طريق الحواس. مما يدل على وجود قطيعة بين المعرفة العلمية والمعرفة العامية من جهة، وقطيعة بين العقلانية العلمية المطبقة و التجريبية الكلاسيكية الساذجة (جون لوك وأتباعه)
* المادية التقنية: هي مجموع الأدوات والتقنيات التي يستخدمها العالم في دراسة الظواهر وبنائها بناء علميا.
* الواقعية الفلسفية: المقصود بها هنا هو ذلك المذهب الفلسفي الواقعي أو تلك النزعة التجريبية التقليدية التي كانت تعطي الأسبقية للواقع التجريبي الحسي، وتعتبره مصدر كل المعارف الموجودة في العقل. وبالتالي فقد كان للعقل دور سلبي وثانوي لديهاز
← العلاقة بين المفهومين تتمثل في نفي باشلار أن تكون المادية التقنية المستخدمة في العلم المعاصر شبيهة بالمذهب الواقعي الذي كان سائدا في الفلسفة سابقا. وذلك من أجل التأكيد على أن استخدام التقنيات التجريبية لا يتم بمعزل عن تدخل العقل. وبالتالي فهناك تكامل بينهما في عملية إنتاج المعرفة العلمية المعاصرة

 2- إشكال النص:

كيف يتم بناء المعرفة في العلوم الفيزيائية المعاصرة؟ وما هو دور كل من العقل والتجربة في عملية البناء هاته؟ وماذا يترتب عن ذلك من خصائص مميزة للعقلانية العلمية المعاصرة؟
 3- أطروحة النص:

إن بناء المعرفة العلمية في الفيزياء المعاصرة يتم في إطار تكامل وحوار يتم بين المفاهيم والمناهج العقلية من جهة، والأدوات التقنية التجريبية من جهة أخرى. وهذا ما جعل العقلانية العلمية عقلانية جدلية وبنائية ومطبقة ومنفتحة، تختلف عن العقلانية الفلسفية الفارغة والمنغلقة، كما تختلف في نفس الوقت عن النزعة التجريبية العمياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.