الجمعة، 28 أكتوبر 2016

علاقة العقل بالطبيعة عند كانط

العقل والطبيعة 
عند كانط


بقلم محمد الشبة






إن للعقل حسب كانط  تخطيطاته الخاصة، ومبادئه الذاتية التي تجعله يرغم الطبيعة على الإجابة عن أسئلته دون أن يستسلم لها. ومن هنا فالطبيعة وموضوعاتها هي التي تدور في فلك العقل، وليس العكس. وهذا ما جعل كانط يحدث ثورة كوبرنيكية في مجال المعرفة الفلسفية؛ حيث لم يعد العقل يدور في فلك العالم يبحث عن معرفة موجودة فيه، بل أصبح العالم يدرك وتتم معرفته انطلاقا مما يحتوي عليه العقل من مقولات ومبادئ قبلية.

ويشير كانط إلى أن العقل يتقدم نحو الطبيعة من أجل معرفتها، ممسكا بإحدى يديه مبادئه وباليد الأخرى التجربة. وهذا معناه أن عملية المعرفة عند كانط تتطلب شرطيين أساسيين : الشرط الأول يتمثل في المبادئ القبلية للعقل والشرط الثاني : يتمثل في معطيات التجربة الحسية. لذلك فالعقل لا يمكنه لوحده أن ينتج المعرفة العلمية الصحيحة. وفي هذا الصدد يقول كانط:

«المبادئ القبلية بدون حدوس حسية جوفاء وفارغة، والحدوس الحسية بدون مبادئ قبلية عمياء وغامضة».

وفي هذا السياق يقدم لنا كانط مثالين يتعلق أحدهما بعلاقة التلميذ بالمعلم، ويتمثل الآخر في علاقة القاضي بالشهود. وذلك ليبين لنا علاقة العقل بالطبيعة؛ فالعقل لا يتعامل مع الطبيعة بالصدفة والتلقائية ودون تخطيط مسبق، كما أنه لا يطرح عليها إلا الأسئلة التي بإمكانه الإجابة عنها وفقا لمبادئه وقدراته الذاتية. ولذلك فهو لا يشبه في ذلك التلميذ الذي يسمح لنفسه بأن يقول كل ما يحلو له للمعلم، بل يشبه علاقة القاضي بالشهود، ذلك أن القاضي يحضر الأسئلة ويرتبها ويدقق فيها، لكي يرغم الشهود على الاعتراف، وهو في ذلك يشبه العقل الذي انطلاقا من مبادئه القبلية ومقولاته يرغم الطبيعة على الإجابة عن أسئلته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.