الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

كتاب "محاورات فصلية في تدريس الفلسفة"

صدر لنا كتاب "محاورات فصلية في تدريس الفلسفة" سنة 2013. وهو يتضمن حوارات جرت بيني وبين تلامذتي حول بعض الأنشطة التعليمية- التعلمية المرتبطة ببناء الدرس الفلسفي.






فهرس الكتاب:




الفهرس

وضعية مشكلة لتأطير مجزوءة الوضع البشري
  إشكال قيمة الشخص
وضعية مشكلة لاقتحام العالم الإشكالاتي لمفهوم الغير
  إشكال العلاقة مع الغير
مدخل ممكن لمفهوم التاريخ
محاولة لتحديد مفهوم الفن
مقاربة حجاجية لنص ميرلوبنتي حول إشكال معرفة الغير
ملحق:  تجربتي الفصلية مع تحليل النص

مقدمة الكتاب:


يتضمن الكتاب نماذج من تجارب فصلية حية وفعلية تعمدت أن أنقلها إلى القراء، وخصوصا مدرسي الفلسفة، لعلهم يجدون فيها جزءا من المعاناة التي يعيشونها مع تدريس الفلسفة، ذلك أن أكبر تحدي يواجه الفلسفة هو تدريسها !! ولعل تلك التجارب، التي نقلتها بكثير من الصدق والعشق أيضا، من شأنها أن تشكل بالنسبة لمدرس الفلسفة أرضية خصبة لاستلهام الكثير من الطرائق أو الأساليب الديداكتيكية التي يمكنها أن تعينه على مواجهة بعض تحديات الدرس الفلسفي، وتجعله يتغلب على بعض الصعوبات التي يطرحها تدريس مادة الفلسفة.
وإذا كان الهدف الأساسي من اللقاءات او الندوات أو الدراسات والأبحاث المهتمة بديداكتيك تدريس الفلسفة هو الرفع من جودة الممارسة الفصلية، فإنه يتعين أيضا الانطلاق من هذه الأخيرة من أجل اختبار مدى نجاعة التوصيات أو الخلاصات النظرية التي تنبثق عنها تلك اللقاءات والدراسات، والوقوف عند تحدي العمل التطبيقي المتعلق بها داخل الفصل الدراسي وبمعية التلاميذ. من هنا تأتي أهمية تبادل التجارب الفصلية بين مدرسي الفلسفة، من أجل اقتسام الخبرات والوقوف عند المشاكل الحقيقية المتعلقة بتدريس الفلسفة التي يعج بها الفصل الدراسي، وجعلها منطلقا للقيام بأبحاث ديداكتيكية تتسم بالكثير من الصدق والواقعية.
وهذا المنطلق هو الذي دفعنا إلى توثيق هذه التجارب الفصلية التي يشتمل عليها هذا الكتاب. والتوثيق هنا يعتمد على الكتابة التي لا يمكنها طبعا نقل مشاهد التجربة الفصلية في جميع جوانبها، مثلما هو الأمر بالنسبة للتسجيل السمعي- البصري، لكن مع ذلك فبإمكان الكتابة أن تنقل أجزاء مهمة من المشاهد الفصلية، وبدرجات عالية، إذا ما تم تدوين الحصة الدراسية مباشرة بعد إنجازها بوقت قليل، وإذا ما تم ذلك بتحري أقصى ما يمكن من الصدق والدقة. وهذا ما توخيته شخصيا؛ إذ كنت في أغلب الأحيان أنجز الحصة الدراسية مع التلاميذ، وأقوم بعد زمن قليل – وفي نفس اليوم أحيانا- بتدوين ما احتفظت به ذاكرتي من حوارات جرت بيني وبين تلامذتي حول مسألة أو قضية من القضايا المرتبطة بالبرنامج الدراسي.
وفي جميع الأحوال، فالحوارات التي ضمها هذا الكتاب تحتوي ولا شك على العديد من الجوانب التي يمكن الوقوف عندها وخلق نقاش عمومي حولها، خصوصا وأن النقاش سينطلق من أرض صلبة؛ هي خشبة مسرح الفصل الدراسي نفسه. ونعني بتلك الجوانب أساسا ما تعلق منها بالمناحي الفكرية والطرائق الديداكتيكية والبيداغوجية المستخدمة في إنجاز تلك التجارب أو الحصص الدراسية. وإذا ما انطلق النقاش من مثل هذه الأرضية، فإنه سيحقق فائدة أفضل من كل تنظيرات جوفاء تتم بعيدا عما يجري فعليا في الفصول الدراسية. كما أن مناقشة هذه التجارب لا يمكن أن تكون مجدية كثيرا إلا إذا انطلقت هي الأخرى من تجارب فصلية أخرى مغايرة؛ ذلك أنه لا يمكن أن تغني وتفيد تجربة فصلية إلا تجربة فصلية أخرى.
ونحن أثناء تدويننا لهذه التجارب لم نكن ندري ما الذي ننقله بالضبط؛ أعني أنني كنت أحاول ما أمكن أن أنقل ما حدث بالفعل وكفى، دون أن أهتم بطبيعة أو درجة جودة هذا الذي أنقله. فقد كنت أحاول أن أصبح بمثابة عدسة كاميرا  تصور وتسجل ما يجري بيني وبين التلاميذ، أو بين التلاميذ فيما بينهم، من نقاشات وجوارات فلسفية متشعبة. كما أن الأمر هنا يشبه ما يحصل للمبدعين في مجالات الفن والأدب؛ إذ ينطلق المبدع من قريحته ويبدع عمله، لكي يكون على النقاد بعد ذلك أن يكتشفوا بشكل أفضل ماذا أنجزه ذلك المبدع بالضبط. وهكذا فمثلما أن الرسام مثلا لا يعرف الشكل النهائي للوحة إلا بعدما ينجزها بشكل نهائي، بل قد لا يعرف بعض جوانبها ومكوناتها إلا حينما ينبهه الآخرون إلى ذلك، فكذلك يخيل إلي أنني أنجزت هذه الحصص، وغيرها مما لم أدونه، انطلاقا من نوع من التلقائية والعفوية التي وإن كانت تخضع في خطوطها العريضة لتصميم مسبق، فهي مع ذلك تبدع في تفاصيلها الجزئية الكثير من الومضات والإشراقات الديداكتيكية التي يتعين البحث عنها داخل منعرجات المحاورة الفصلية. وذلك لكي نجعل من القريحة منطلقا لإبداع القواعد الديداكتيكية، وليس العكس. ولعل هذا يشبه قصة الشاعر العربي الذي لم ينظم الشعر انطلاقا من قواعد محددة؛ بل أبدع الشعر بقريحته أولا، وبعد ذلك أمكن أن تستنبط منه تفعيلات وأوزان.
من هنا فقد توخينا عرض هذه المحاورات الفصلية لكي نجعل الآخرين يطلون من خلالها على بعض ما يجري داخل الحصة الدراسية لمادة الفلسفة، وذلك انطلاقا من إيماننا بثقافة التقاسم والبوح من جهة، ومن أجل تقويم تجاربنا الفصلية ونقدها من جهة أخرى. إذ كيف لتجربة فصلية أن تطور ذاتها وهي منغلقة على نفسها داخل الإسمنت المسلح للحجرة الدراسية ؟!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.