الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

مسافر إلى حيث الخيال



مسافر إلى حيث الخيال


بقلم: محمد الشبة


                                                                             
رويدك أيها المسافر،
بترهات
هؤلاء الرفاق،
                                     هؤلاء الحمقى،                
هؤلاء المسافرين
إلى الأعالي،
إلى حيث شمس حقيقتك،
إلى مكان أنينك
الطافح بالجراح،
إلى حيث تسبح بسماتك،
في بحر لوعاتك،
في مآقي وجدانياتك
الجاحظة بكل ثمالتها،
العاشقة لكآبات الزمان.
...
شددت الرحال إلى حيث
تدري ولا تدري،
تطاوعك الكلمات حين لا ترغب،
وتتمنع حين تريد،
إنها لعبة الكلمات تأسرك،
بشرنقاتها ترصد خطواتك
الحالمة برغباتك الجنونية،
بمنتهى عشقك لنور المساء،
بكل الهمسات التي أثثت فضاءاتك،
بجموح أحزانك وعذاباتك،
بترنم مسراتك وأفراحك،
بكل تلك اللبنات
التي نسجها ذهنك،
وغزلتها مخيلتك
قصائد لكل عشاق أفكارك،
والمسافرين برسائلك
إلى ممالك الأحرار،
هؤلاء الرافعون هاماتهم
إلى أشواق رؤاك،
إلى أجنحة أفكارك
التي تنسج لقلوبنا أحلاما
وتغزل للحقيقة جلابيب حكمة،
تنير مساءات دروب الوطن.
...
خلتك مترهلة بأحزانك،
أيتها القرنفلية الطروب،
حسبتك تترنحين بخمورك الوردية،
في كل مرة تبزغ نسمات عطرك،
وتملأ بأريجها قلوبنا العطشى
إلى دفئ حكمتك،
وأناجيل شطآنك الممتدة في الآفاق.
أعيانا السفر إليك،
وأرهقنا دوار الكلمات
بحثا عن مخملية أسرتك،
المتمنعة عن قبضة أفئدتنا،
الهاربة من سطوع أنوار موداتنا،
الباحثة عن سحابات أضوائك الهاربة.
...
مهلا أيها المسافر،
مهلا أيها الحالم،
مهلا فالعقبة كؤود،
والمسافات تغوص في الأفق،
وجوع العقول
لا يكفيه زاد النهار.
مذ عرفتك عشقت بطولاتك،
عشقت رحلاتك،
استعذبت آلامك،
أمتعني دوار زوارقك
التي تمخر عباب نظرياتك،
وسط متون أسفارك،
و بين زوابع رسائلك
الباحثة عن حقائق،
ترتسم في الأفق
سرابا،
وتشخص في العلياء خيالات.
. . .

من رغيف السؤال
أمكن لسقراط أن يقتات،
و من رحم الدهشة
ولد معلم اللوقيون،
ومن عتبات الشك،
أمكن لديكارت
ولوج عصر الحداثة،
و تشييد لبنات الكوجيطو.
. . .
إن لمسارك أيها العقل الطفل
بداية.
إن لجنونك أيها المتوثب نحو الأعالي،
شجن الولادة.
لم يهدأ شكك أيها المارد،
لم تغف جفون عيونك،
لم تتنفس أزهار فجر ليلك
الطويل، العريض  
بأوجاعه،
بأنفاسه،
بكل المرارة التي تنسج
للغد خرائط الوجد،
وخيوط الحكاية.
. . .
ألم أنذرك وأحذرك،
من عسر الولادة.
ألم أقل لك
إن العباب متربص،
و الرياح حانقة
ولوعة السفر بطعم العلقم،
بحلاوة التمر،
ففضلت السير،
احترفت الغوص،
صنعت أجنحة الحكمة،
ولم يثنك عسر الهضم
عن مواجهة مصيرك المحتوم.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.