تأطير عام لمجزوءة
الإنسان
بقلم: محمد الشبة
إن
الإنسان كائن متعدد الأبعاد، ويمكن الحديث لديه عن بعدين رئيسيين: بعد طبيعي وبعد
ثقافي، وما سنتطرق إليه في هذه المجزوءة له علاقة بهذين البعدين وبأوجه التداخل
بينهما.
إن
الفلسفة منذ بداياتها الأولى اهتمت بموضوع الإنسان بل يمكن اعتبار السؤال: ما
الإنسان؟ سؤالا مركزيا في مجال التفكير الفلسفي بحيث تتفرع عنه كل الأسئلة
والإشكالات الأخرى. هكذا فمنذ العصر اليوناني القديم قال سقراط : " يا أيها
الإنسان اعرف نفسك بنفسك "، وقد قدمت
عدة تعريفات للإنسان؛ فقال
أرسطو " إن الإنسان حيوان ناطق أو أنه حيوان سياسي " وقال شوبنهاور " إن الإنسان حيوان
ميتافيزيقي"، كما قال إرنست كاسيرر Ernest Kassirer : "إن الإنسان حيوان رامز" ، كما
نجد تعريفات أخرى للإنسان دون أن نعثر على تعريف جامع مانع لمفهوم الإنسان.
سنتناول
في مجزوءة الإنسان بعض الخصائص الأساسية التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات
الأخرى، وأهم سمة تميزه هي سمة الوعي؛ فقد اعتبرت الفلسفة منذ القدم بأن الوعي هو الخاصية
الجوهرية التي تميز الإنسان عن باقي الأشياء والكائنات الأخرى. فالوعي يصاحب كل
أفعال الإنسان وأفكاره، وهذا ما يسمى بالوعي التلقائي. كما يرتبط الوعي بالشعور
وبمجموع الأحاسيس التي تجري داخل الذات، وهذا ما يسمى بالوعي السيكولوجي. كما أن
الوعي يتمظهر على مستوى الحياة العملية، فنتحدث عن وعي أخلاقي أو وعي سياسي مثلا.
فللوعي عدة أشكال ومظاهر، غير أن الدراسات الفلسفية والنفسية وضعت الوعي موضع
استشكال ونقد، واعتبرته غطاءا خارجيا لا يمثل سوى سطح الذات أو الجهاز النفسي،
بينما يمثل اللاوعي الجزء العميق من الذات.
فما هو الوعي؟
وما علاقته باللاوعي؟ ومن منهما يتحكم أكثر في أفعال الإنسان وأفكاره؟ وهل يقدم
لنا الوعي صورة حقيقية عن أنفسنا وعن الواقع؟
كما يعتبر الإنسان حيوانا
راغبا؛ ذلك أن له حاجات بيولوجية غريزية مثله مثل الحيوانات الأخرى، لكنه يتميز
عنها بالرغبة لأنه يسعى إلى تحقيق حاجاته بأشكال وفي أوقات مختلفة، وبحسب ما يريد.
وهذا يعنى أن الرغبة لها علاقة وطيدة بالإرادة
والعقل . فكيف تتحدد هذه العلاقة؟ وهل يمكن الوعي بالرغبة ومعرفة الدوافع الحقيقية
لها ؟
كما أن هناك غموض كثيف يكتنف الرغبة، فهي ترتبط
بالأبعاد الأساسية للإنسان؛ بجسده، وانفعالاته الوجدانية، وإرادته العاقلة. هكذا
فللإنسان رغبات وجدانية واجتماعية وجمالية وغيرها .
من هنا تحتل الرغبة مكانة هامة
في حياة الإنسان، وتتجلى في مختلف مظاهر وأنماط عيشه. والغاية الأساسية من مختلف
رغبات الإنسان هي تحقيق اللذة والراحة والبهجة. فما علاقة الرغبة بالسعادة؟ وهل
يمكن للإنسان أن يكون سعيدا بدون إرضاء جميع رغباته؟
كما
يعتبر الإنسان كائنا لغويا، فما الذي يجعل اللغة خاصية إنسانية؟ وإذا كان الإنسان
يستخدم اللغة فمن أجل التعبير عن الفكر، فكيف تتحدد علاقة اللغة بالفكر، هل هي
علاقة انفصال أم اتصال؟ وهل يمكن الحديث عن أحدهما في غياب الآخر؟ ثم إن الإنسان
لا يستخدم اللغة من أجل التعبير عن الفكر فقط بل أيضا من أجل تحقيق التواصل داخل
المجتمع. وأثناء عملية التواصل تقوم اللغة بعدة وظائف من أهمها وظيفة السلطة، فكيف
تمارس اللغة هذه الوظيفة؟
والإنسان أيضا كائن اجتماعي بطبعه، فهو يميل
إلى العيش مع الآخرين وفقا لمبادئ وقوانين وتشريعات، فما هو أساس الاجتماع البشري؟
و كيف تتحدد علاقة الفرد بالمجتمع؟ وكيف ينبغي أن تمارس السلطة داخل المجتمع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.