نص لطوماس هوبز
الاجتماع تعاقد إرادي
« إن البشر وهم ذوو ولع طبيعي
بالحرية، وبممارسة الهيمنة على الغير، قد أوجبوا على أنفسهم حدودا يعيشون في كنفها
داخل الجمهوريات التي أسسوها. وإذ سنوا هذه الحدود، جعلوا منتهى طموحهم وغاية
سعيهم وهدف وجودهم أن يضمنوا بقاءهم الذاتي وأن يحيوا حياة أوفر سعادة بواسطة هذه
الطريقة. فغايتهم، بعبارة أخرى، هي أن يتخلصوا من حالة الحرب المزرية، هي كما بينا
نتيجة ضرورية للأهواء الطبيعية عندما لا توجد سلطة منظورة تخضعهم وتربط بينهم،
وذلك خشية العقوبات وعملا بالمواثيق التي أبرموها.
والسبيل الوحيد لإقامة هذا النوع من
السلطة المشتركة، الكفيلة بالدفاع عن الناس من هجمات الغرباء، ووقايتهم من الأضرار
التي قد يسببها بعضهم للبعض، والقادرة على حمايتهم بحيث تمكنهم مهارتهم ومنتوج
أرضهم من أن يقتاتوا ويحيوا حياة رضية، هو أن يعهدوا بكل ما لهم من سلطة وقوة إلى
رجل واحد أو إلى مجلس واحد حتى تصبح كل الإرادات الكثيرة، إرادة واحدة بواسطة
قانون الأغلبية. وهذا يعني أن تختار المجموعة رجلا أو مجلسا من النواب للاضطلاع
بشؤونها بصفتها شخصية معنوية، ولا بد أن يقر كل امرئ –إحساسا وإدراكا- بأنه هو
مصدر الفعل في كل ما يقوم به من وقع تعيينه، وفي كل ما يمكن أن يأمر به في المسائل
المتعلقة بالسلم والأمن المشترك، ولا بد بالتالي من أن يخضع كل امرئ إرادته وحكمه
لإرادة هذا الرجل وهذا المجلس وحكمهما.
وهذا أمر يتجاوز في عمقه مجرد
الموافقة والإجماع لأنه يعني اتحادا حقيقيا تذوب فيه مجموعة الأفراد في ذات شخص
واحد. إنه اتحاد ناشئ من ميثاق عقده كل فرد مع سائر الأفراد على نحو خاص وكأن كل
امرئ يخاطب غيره بقوله: "إنني قد تنازلت له عن حقي في أن أسوس شؤوني بنفسي،
شرط أن تتنازل مثلي عن حقك، وأن تقبل كل فعل صادر عن هذا الرجل أو عن هذا المجلس".»
مصدر النص:
- Thomas Hobbes, le Léviathan, éd.Sirey, 1971, pp 171-173.
- · عن كتاب: "أنا أفكر"، المركز القومي البيداغوجي بتونس، 1993، ص 201.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.