الخميس، 30 نوفمبر 2017

ندوة إشكالية تعريف الفلسفة

نظم المركز الثقافي بمشرع بلقصيري ندوة حول إشكالية تعريف الفلسفة بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، بتاريخ 25 نونبر 2017، من تأطير الباحثين محمد الشبة وسعيد السعدي.
وقد قدم سعيد السعدي في مداخلته جردا تاريخيا أثار فيه إشكالية بداية الفلسفة بين اليونان وحضارات الشرق القديم. وأكد أن الفلسفة بالمعنى الواسع هي تراث إنساني ساهمت فيه العديد من الحضارات. لكن مع ذلك تظل للفلسفة بالمعنى اليوناني خصوصياتها التي لا يمكن نكرانها. وقد عرج الباحث على البداية الاولى مع المدرسة الأيونية بزعامة طاليس، والتي انصب اهتمامها حول البحث عن أصل الكون اعتمادا على نوع من الحدس العقلي، هذا الحدس الذي جعل فيلسوفا مثل نيتشه يعتبر أن طاليس هو أول فيلسوف في الحضارة اليونانية. كما انتقل الباحث للحديث عن التجربة الفلسفة السوفسطائية وبعدها السقراطية، واعتبرهما تجربتين رائدتين ومكنتا من إنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض عن طريق البحث في القضايا الأخلاقية والسياسية عوض الاقتصار على البحث عن أصل الطبيعة والكون. كما أشار إلى فلسفة أفلاطون ونظريته في المثل، ليعرج بعد ذلك على الفلسفة في العصر الهلينستي، وينتهي أخيرا عند الفلسفة العربية الإسلامية. ويؤكد في الاخير على أن الفلسفة هي خلاصة لعصرها، وأنها تفكير تساؤلي حول قضايا الكون والإنسان والمجتمع.
أما الباحث محمد الشبة، فقد قدم مقاربة ديداكتيكية لإشكالية تعريف الفلسفة، أثار من خلالها الكيفية السليمة التي ينبغي من خلالها أن نعرف التلميذ بالفلسفة حينما يكون مقبلا على دراستها لأول وهلة. وفي هذا الإطار أكد محمد الشبة على أنه لمعرفة الفلسفة ينبغي الذهاب إليها إلى حيث توجد، ومكان تواجدها طبعا هو النصوص الفلسفية. ولذلك ميز بين الفلسفة والميتافلسفة؛ بحيث على مدرس الفلسفة أن يجعل التلميذ يدرك مباشرة معنى الفلسفة وخصائص التفكير الفلسفي من خلال قراءة النصوص وتحليلها، عوض أن يحدثه عنها من الخارج. لكن الأستاذ الشبة أكد بعد ذلك أنه لا يمكن الإجابة عن سؤال: ما الفلسفة؟ بل الإجابة فقط عن سؤال: ما هي فلسفة فلان أو فلان؟ لأن الفلسفة غير قابلة للتعريف بالمطلق بل ما يمكن التعرف عليه هو فلسفة هذا الفيلسوف أو ذاك، ونا أحال الباحث على قولة كانط: "لا يمكن تعلم الفلسفة، بل ما يمكن تعلمه هو التفلسف". وإذا كان من الصعب إعطاء تعريف جامع مانع للفلسفة، فقد أشار محمد الشبة في مداخلته إلى انه يمكن التعرف على الفلسفة من خلال الخصائص التي تميز التفكير الفلسفي، والتي يشترك فيها جميع الفلاسفة رغم تباين تصوراتهم ومذاهبهم الفكرية. وهنا تحدث الباحث عن خصائص التفكير الفلسفي وأدواته كالأشكلة والمفهمة والحجاج والنقد والشك والحوار والدهشة وغير ذلك. وبعد ذلك تحدث بشكل مختصر عن المباحث الكبرى التي تهتم بها الفلسفة وتميزها كممارسة معرفية وتفكيرية، وهي مبحث الوجود ومبحث المعرفة ومبحث القيم، وأثار الباحث أهم الأسئلة التي يطرحها الفلاسفة في كل مبحث. وفي آخر مداخلته قدم نظرة إلى الفلسفة بعيون بعض الفلاسفة أنفسهم؛ مثل أفلاطون الذي اعتبر أن الفلسفة هي «علم الوجود الحق، المفارق لعالم الظواهر.»، أو أرسطو الذي اعتبر الفلسفة بحثا في العلل الاولى للوجود، أو ابن رشد الذي عرف الفلسفة باعتبارها نظرا في الموجودات من جهة دلالتها على الصانع، أو ديكارت الذي اعتبرها شجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها العلم الطبيعي وأغصانها الطب والميكانيكا والاخلاق، أو جيل دولوز الذي نظر إلى الفلسفة كفن لصناعة وإبداع المفاهيم... وفي الأخير أكد على فكرتين رئيسيتين؛ الأولى تتمثل في أن كل تعريف للفلسفة هو موقف منها، والثانية أن ما تكونه الفلسفة لا يمكن أن يدرك جيدا إلا عن طريق التجربة المتمثلة في ممارسة القراءة الفلسفية والتفلسف.
وقد أعقب المداخلتين نقاش مهم أثار خلاله الجمهور الحاضر أسئلة وملاحظات تتعلق ببعض الأفكار الواردة في المداخلتين، والتي تفاعل معها الباحثين بكل أريحية وقدما التوضيحات الضرورية المتعلقة بها.
وتم التأكيد في الأخير على أهمية الفلسفة وضرورة الحاجة إليها، مما يحتم تفعيل مثل هذه الأنشطة الفكرية التي تفتقر إليها دار الثقافة بالمدينة، بحيث تطغى فيها الأنشطة ذات الطابع الفني والترفيهي.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.