الأشكلة كلحظة أساسية
في بناء الإنشاء الفلسفي
بقلم: محمد الشبة
إن الفلاسفة لم يكتبوا إنشاءات فلسفية بل يظل الإنشاء الفلسفي جنسا مدرسيا ظهر
وتبلور مع الأدبيات الديداكتيكية الفرنسية ابتداءا من القرن التاسع عشر، حيث سعت
هذه الأدبيات إلى جعل تعلم التفلسف يتم ويتجلى من خلال قدرة التلاميذ على صياغة
كتابة إنشائية بمواصفات عالية. هكذا يكون التلميذ مطالبا بأن يجسد مدى اكتسابه
لقواعد التفلسف، بأن يعمل على كتابة إنشاء فلسفي انطلاقا من التعليق على نص أو
الاشتغال على قول فلسفي أو الإجابة عن سؤال إشكالي. وفي جميع الأحوال، يكون
التلميذ مطالبا بأن يبرهن أثناء كتابته الفلسفية على مدى اكتسابه لمجموعة من
المهارات والقدرات الضرورية لممارسة التفلسف، وفي مقدمتها القدرة على المفهمة
والأشكلة والحجاج.
وإذا ما ركزنا على القدرة المرتبطة بالأشكلة، أمكننا اعتبارها تلك الحركة الفكرية التي تسعى إلى الكشف عن المشكل الفلسفي المركزي الكامن في نص أو قول فلسفي ما، بغية إعادة بنائه عن طريق الوقوف عند رهانات الإجابة المقدمة عنه ووضعها موضع فحص، واختبارها من خلال مقارنتها مع مختلف الأجوبة الممكنة حول المشكل القائم.
إن الأشكلة، والحالة هاته، هي نوع من المساءلة التي تنصب حول جوهر النص أو الموضوع من أجل استنطاقه، والبحث عن المفارقات والإحراجات التي تسكنه، والعمل على ترجمة كل ذلك من خلال تساؤلات دقيقة يكون محلها هو مقدمة الإنشاء الفلسفي.
لذلك وجب التأكيد على أن سيروة تعلم كيفية طرح الإشكال المتعلق بالموضوع الاختباري تتم من خلال مجموعة من العمليات التي تتم في المسودة أثناء مرحلة الإعداد للتحرير، حيث يتم الاشتغال على المفاهيم الرئيسية المكونة للنص أو القولة أو السؤال، وذلك بالكشف عن دلالاتها المحتملة والسياقية وكذا العلاقات المنسوجة بينها داخل سياق الموضوع بالذات. وكل هذا من شأنه أن يمكننا من اكتشاف الأطروحة المركزية للموضوع، التي لا تعدو أن تكون ربطا بين جملة من المفاهيم التي تؤثث فضاءه، ومن شأنه كذلك أن يجعلنا نستخرج الأفكار الأساسية المحيطة بتلك الأطروحة. وانطلاقا من هذه الأطروحة وتلك الأفكار يكون بإمكاننا أن نستخرج مجموعة من التساؤلات ونصوغها بحسب ما تثيره من تقابلات ومفارقات، ونرتبها بحسب أهميتها وتسلسلها وفق المنطق الإشكالي للنص أو الموضوع المبحوث عموما. وبعد ذلك سيكون علينا أن نضعها في مقدمة الإنشاء الفلسفي، بعد أن نمهد لها بمدخل يسمح بتبريرها وتسويغها على نحو منطقي ومعقول.
وينبغي التأكيد هنا أن سيرورة الأشكلة وصياغة التساؤلات لا ينبغي أن تختص بها مقدمة الإنشاء الفلسفي فحسب، بل إنها ترافق كل خطوات الكتابة الإنشائية الفلسفية. فأثناء تحليل النص مثلا، يمكن أن تتخلل عملية استخراج المضامين والانتقال بين الافكار أسئلة موجهة وموضحة لمعالم التفكير مع صاحب النص، مادام أن طريق التفلسف ليسا معبدا ومستقيما بل مليئا بالنتوءات والمنعرجات. كما يلزم من التلميذ أثناء الانتهاء من تحليل النص واستخراج أطروحته الأساسية، أن يجسد قدرته على صياغة أسئلة انطلاقا من الأطروحة الكامنة في النص من أجل الكشف عن حدودها والتمهيد لنقدها ومناقشتها. ولسنا في حاجة إلى التأكيد أن لحظة المناقشة هي لحظة خصبة لممارسة أفعال التساؤل والأشكلة، إذ كيف يكون بإمكان التلميذ أن يقارن بين الأطروحات الفلسفية المعالجة للمشكل الرئيسي، وينتقل من موقف إلى آخر معارض دون أن يستخدم خلال ذلك أسئلة تكشف عن وجود التعارضات والتقابلات والتوترات بين مختلف الإجابات الممكنة ؟؟
أما على مستوى خاتمة الإنشاء الفلسفي، فعادة ما ينصح بتأزيم الخلاصة التركيبية عن طريق التساؤل حولها وتبيان حدودها. وكل هذا يجعل العمل المرتبط بالأشكلة يمثل جوهر أفعال التفلسف التي تمتد من أول الإنشاء الفلسفي إلى آخره.
وإذا ما ركزنا على القدرة المرتبطة بالأشكلة، أمكننا اعتبارها تلك الحركة الفكرية التي تسعى إلى الكشف عن المشكل الفلسفي المركزي الكامن في نص أو قول فلسفي ما، بغية إعادة بنائه عن طريق الوقوف عند رهانات الإجابة المقدمة عنه ووضعها موضع فحص، واختبارها من خلال مقارنتها مع مختلف الأجوبة الممكنة حول المشكل القائم.
إن الأشكلة، والحالة هاته، هي نوع من المساءلة التي تنصب حول جوهر النص أو الموضوع من أجل استنطاقه، والبحث عن المفارقات والإحراجات التي تسكنه، والعمل على ترجمة كل ذلك من خلال تساؤلات دقيقة يكون محلها هو مقدمة الإنشاء الفلسفي.
لذلك وجب التأكيد على أن سيروة تعلم كيفية طرح الإشكال المتعلق بالموضوع الاختباري تتم من خلال مجموعة من العمليات التي تتم في المسودة أثناء مرحلة الإعداد للتحرير، حيث يتم الاشتغال على المفاهيم الرئيسية المكونة للنص أو القولة أو السؤال، وذلك بالكشف عن دلالاتها المحتملة والسياقية وكذا العلاقات المنسوجة بينها داخل سياق الموضوع بالذات. وكل هذا من شأنه أن يمكننا من اكتشاف الأطروحة المركزية للموضوع، التي لا تعدو أن تكون ربطا بين جملة من المفاهيم التي تؤثث فضاءه، ومن شأنه كذلك أن يجعلنا نستخرج الأفكار الأساسية المحيطة بتلك الأطروحة. وانطلاقا من هذه الأطروحة وتلك الأفكار يكون بإمكاننا أن نستخرج مجموعة من التساؤلات ونصوغها بحسب ما تثيره من تقابلات ومفارقات، ونرتبها بحسب أهميتها وتسلسلها وفق المنطق الإشكالي للنص أو الموضوع المبحوث عموما. وبعد ذلك سيكون علينا أن نضعها في مقدمة الإنشاء الفلسفي، بعد أن نمهد لها بمدخل يسمح بتبريرها وتسويغها على نحو منطقي ومعقول.
وينبغي التأكيد هنا أن سيرورة الأشكلة وصياغة التساؤلات لا ينبغي أن تختص بها مقدمة الإنشاء الفلسفي فحسب، بل إنها ترافق كل خطوات الكتابة الإنشائية الفلسفية. فأثناء تحليل النص مثلا، يمكن أن تتخلل عملية استخراج المضامين والانتقال بين الافكار أسئلة موجهة وموضحة لمعالم التفكير مع صاحب النص، مادام أن طريق التفلسف ليسا معبدا ومستقيما بل مليئا بالنتوءات والمنعرجات. كما يلزم من التلميذ أثناء الانتهاء من تحليل النص واستخراج أطروحته الأساسية، أن يجسد قدرته على صياغة أسئلة انطلاقا من الأطروحة الكامنة في النص من أجل الكشف عن حدودها والتمهيد لنقدها ومناقشتها. ولسنا في حاجة إلى التأكيد أن لحظة المناقشة هي لحظة خصبة لممارسة أفعال التساؤل والأشكلة، إذ كيف يكون بإمكان التلميذ أن يقارن بين الأطروحات الفلسفية المعالجة للمشكل الرئيسي، وينتقل من موقف إلى آخر معارض دون أن يستخدم خلال ذلك أسئلة تكشف عن وجود التعارضات والتقابلات والتوترات بين مختلف الإجابات الممكنة ؟؟
أما على مستوى خاتمة الإنشاء الفلسفي، فعادة ما ينصح بتأزيم الخلاصة التركيبية عن طريق التساؤل حولها وتبيان حدودها. وكل هذا يجعل العمل المرتبط بالأشكلة يمثل جوهر أفعال التفلسف التي تمتد من أول الإنشاء الفلسفي إلى آخره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.